لطالما كان مفهوم رمضان مجرد فكرة بعيدة، شيء تلتزم به عائلتي، لكني لم أفهمه أو أشارك فيه أبدًا بشكل كامل. عندما كنت طفلاً، كنت أرى وجبات السحور المبكرة وولائم الإفطار المسائية، وأشعر بالتغيير في إيقاع المنزل، لكنني كنت معفيًا بصفتي طفلاً صغيرًا. ومع ذلك، كان هذا العام مختلفًا. في هذا العام، وبعمر [اذكر عمرًا مناسبًا، مثلاً: 14 أو 15 عامًا، أو العمر الذي قد يبدأ فيه الشخص الصيام]، كنت أخيرًا كبيرًا بما يكفي لخوض تجربة صيام رمضان كاملة لأول مرة.
كانت الليلة التي سبقت أول صيام مزيجًا من الإثارة والقلق. أيقظتني أمي للسحور، وكانت المطبخ يعج بالفعل بضجيج خفيف من التحضيرات. تناولنا وجبة خفيفة، ومع ترديد أذان الفجر بهدوء، الذي يشير إلى بدء الصيام، سيطر عليّ شعور بالوقار. لا طعام، لا ماء، حتى غروب الشمس، ذكرت نفسي. بدا الأمر وكأنه إنجاز مستحيل.
الساعات القليلة الأولى من ذلك اليوم الأول كانت سهلة بشكل مدهش. مر الصباح بسرعة مع الدراسة والانشغالات. ولكن بحلول أوائل فترة ما بعد الظهر، بدأ ألم خفيف في معدتي، وشعرت بجفاف في حلقي. كانت فكرة الماء المستمرة لا تطاق تقريبًا. وجدت نفسي أتحقق من الساعة مرارًا وتكرارًا، كل دقيقة تبدو وكأنها ساعة. لاحظت عائلتي صراعي وقدمت لي كلمات التشجيع وشاركتني تجاربها، مذكرة إياي بالهدف الروحي وراء الجوع والعطش.
مع مرور اليوم، لاحظت تحولًا بداخلي. الإرهاق المعتاد بعد الظهر، حيث كنت عادةً ما أتناول وجبة خفيفة أو مشروبًا، حل محله شعور غريب بالتركيز. بدت حواسي متيقظة. أصبحت أنتبه أكثر في الفصل، ووجدت نفسي أكثر صبرًا، وحتى مجرد التنفس شعرت به بشكل أعمق. كان الأمر كما لو أن إزالة الحاجة المستمرة للمعيشة سمحت لعقلي بالصفاء ولروحي بالتنفس.
لحظة صدور أذان المغرب أخيرًا كانت لحظة فرح وراحة خالصة لا توصف. أول رشفة ماء، طعم التمر والشوربة عند الإفطار، كان لا يشبه أي شيء اختبرته من قبل. لم يكن الأمر مجرد إشباع للجوع؛ بل كان تقديرًا عميقًا للنعم التي غالبًا ما كنت أعتبرها أمرًا مسلمًا به.
مع استمرار أيام رمضان، أصبحت التحديات الجسدية الأولية أقل إرهاقًا. تعلمت كيف أدير طاقتي، وأقدر الصباح الهادئ، وأستمتع بلحظات الإفطار المباركة مع عائلتي. والأهم من ذلك، بدأت أفهم المعنى الأعمق لرمضان. لم يكن الأمر مجرد الامتناع عن الطعام والشراب؛ بل كان يتعلق بالانضباط الذاتي، والتعاطف مع الأقل حظًا، والاتصال العميق بإيماني.
وجدت نفسي أقضي المزيد من الوقت في الصلاة، وقراءة القرآن، والتأمل في أفعالي. أصبح الجوع والعطش تذكيرًا بنعم الله وحافزًا للرحمة. فكرت في الملايين حول العالم الذين يعانون من هذا الجوع يوميًا، ليس باختيارهم، بل بدافع الضرورة. ملأني هذا الإدراك بامتنان كبير ورغبة في أن أكون أكثر خيرًا.
كان أول رمضان لي تجربة تحولية. كانت رحلة تجاوزت حدودي الجسدية لكنها غذت روحي بطرق لم أكن أتخيلها. علمتني الصبر والمرونة، وفهمًا أعمق لإيماني ومكانتي في العالم. لقد كان تحديًا، نعم، ولكنه كان مجزيًا بلا حدود. ومع اقتراب رمضان من نهايته، علمت أن هذه كانت مجرد بداية لرحلة مدى الحياة من النمو الروحي والتفاني.