في زمنٍ كانت فيه أيامي تمضي سريعًا، لا بركة فيها، ولا هدوء، ولا تركيز، كنت أشعر أنني أعيش في دوامة لا تنتهي. أستيقظ متأخرة، أبدأ يومي بتوتر، أنشغل بالتفاصيل، وأشكو دائمًا من ضيق الوقت وكثرة المسؤوليات.
كنتُ أسمع كثيرًا عن فضل أذكار الصباح والمساء، وكم تمنيت أن أكون من المحافظين عليها، لكن الحقيقة؟ لم أكن كذلك.
بدأت المحاولة أكثر من مرة، لكني كنت أنسى.
أحيانًا أتذكر الأذكار بعد فوات الوقت، وأحيانًا أتثاقل، وأحيانًا أقرأها بسرعة فقط لأشعر أنني “أديت المهمة”.
لكن قلبي لم يكن حاضرًا، وذهني كان مشغولًا.
وفي يومٍ ما، سمعت محاضرة قال فيها الشيخ:
“أذكار الصباح والمساء ليست مجرد كلمات، إنها درع يومك، وسكينة قلبك، وبركة وقتك.”
تأثرتُ بشدة، وقررت أن أبدأ بصدق، ولو بخطوة بسيطة:
أن ألتزم بقراءة الأذكار ولو مرة واحدة في اليوم، بتركيز وخشوع.
التغيير الحقيقي:
بدأت أقرأ الأذكار بعد صلاة الفجر، في مكان هادئ، أكررها بتمهل، وأشعر بكل كلمة:
“اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا…”
“أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق…”
“رضيت بالله ربًا…”
ومع الوقت، أصبحت لحظة الأذكار هي لحظة الصفاء في يومي.
شعرت بأن قلبي صار أهدأ، وقلقي قلّ، وحتى المشاكل بدأت تمر بسلاسة أكبر.
بركة الوقت:
الشيء الذي أدهشني فعلاً: بركة الوقت.
كنت أستغرب كيف أُنهي أعمالي في وقتٍ أقصر، وأجد وقتًا للراحة، ولقراءة القرآن، وحتى للجلوس مع أسرتي.
كأن الله وسّع لي ساعات اليوم، رغم أنها كما هي.
أصبحت أبدأ يومي بهدوء وطمأنينة.
صارت علاقتي بالله أقوى، واستشعرت معيته في كل خطوة.
شعرت بحماية غريبة من الأحداث المزعجة والمفاجآت الثقيلة.
حتى النوم صار أعمق وأريح بعد أذكار المساء.
لا تنتظر الفراغ لتقرأ الأذكار، اجعلها أول ما تفعله .
ابدأ بأذكار قصيرة، ثم وسّعها بالتدريج.
اكتبها في ورقة أو حمّل تطبيقًا ليساعدك.
لا تقرئها بسرعة… بل استشعر كل كلمة.
استمر، فـالبركة لا تأتي دفعة واحدة… بل تتسلل بهدوء حتى تملأ حياتك.
وبعد أشهر من المواظبة، لا أستطيع أن أتخيل يومي دون الأذكار.
هي الأمان، الطمأنينة، والبركة التي كنت أبحث عنها طويلاً.