كيف اكتشفت أن لديّ الدوالي

منذ عدة سنوات، كنت أعيش حياة يومية مزدحمة مليئة بالمهام. عملي كمدرسة في إحدى المدارس الخاصة كان يتطلب مني الوقوف لفترات طويلة تصل أحيانًا إلى ثماني ساعات متواصلة. كنت أعتقد أن هذا مجرد جزء من طبيعة عملي، ولم ألتفت يومًا إلى المخاطر الصحية المترتبة على ذلك. إضافة إلى ذلك، كنت أعاني من زيادة طفيفة في وزني، ولم أمارس الرياضة بانتظام، وكنت أقضي معظم وقتي إما واقفة أو جالسة بلا حركة.

 

في البداية، كانت الأعراض خفيفة وغير ملحوظة. كنت أشعر بثقل في ساقي نهاية اليوم، وأحيانًا بانتفاخ طفيف عند الكاحل. كنت أظن الأمر مجرد إرهاق طبيعي بسبب العمل. لكن مع مرور الأشهر، ظهرت شعيرات دموية صغيرة باللون الأزرق والأرجواني أسفل الركبة. تجاهلتها في البداية، معتبرة أنها مجرد خطوط عابرة ستزول، لكن بمرور الوقت ازدادت وضوحًا، وبدأت الأوردة تصبح ملتوية وبارزة بشكل ملحوظ.

 

لم يتوقف الأمر عند المظهر، بل بدأت الأعراض تتفاقم: آلام حادة في الساقين، إحساس بالحرقان، حكة متكررة، وتقلصات عضلية مؤلمة أثناء النوم. حتى أنني في بعض الليالي لم أستطع النوم من شدة الألم. هنا أدركت أن هناك مشكلة حقيقية تستدعي التدخل.

 

قررت زيارة الطبيب المتخصص في الأوعية الدموية. وبعد إجراء فحص باستخدام الموجات فوق الصوتية (Doppler)، أوضح لي الطبيب أنني أعاني من دوالي المرحلة الثانية، وهي نتيجة ضعف الصمامات الوريدية التي تمنع ارتجاع الدم، مما أدى إلى تراكمه في الأوردة وانتفاخها. وأخبرني أن الأسباب الرئيسية لحالتي كانت: الوقوف الطويل دون حركة، زيادة الوزن، قلة النشاط البدني، وربما وجود عامل وراثي.

 

بدأت رحلتي العلاجية بخطة غير جراحية. نصحني الطبيب بما يلي:

 

ارتداء الجوارب الضاغطة بشكل يومي لدعم الأوردة وتحسين تدفق الدم.

 

الالتزام برياضة المشي لمدة نصف ساعة يوميًا لتفعيل الدورة الدموية.

 

خسارة بعض الوزن من خلال نظام غذائي صحي متوازن.

 

رفع الساقين أثناء الراحة ووضع وسادة أسفلها لتقليل الضغط.

 

تجنب ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي لفترات طويلة.

 

اتبعت هذه التعليمات بدقة لمدة ثلاثة أشهر، وبدأت أشعر بتحسن تدريجي. الألم خف بشكل ملحوظ، والتورم قل، والشعور بالحرقان اختفى تقريبًا. لكن بقيت بعض الأوردة الكبيرة بارزة. هنا قرر الطبيب أن أفضل حل هو إجراء جلسة ليزر طبي لإغلاق الأوردة التالفة. العملية كانت بسيطة، تمت في العيادة باستخدام تخدير موضعي، واستغرقت ساعة واحدة فقط. عدت لحياتي الطبيعية بعد يومين، مع بعض الكدمات الخفيفة التي اختفت لاحقًا.

 

اليوم، وبعد مرور عام كامل على بداية رحلتي مع الدوالي، تعلمت دروسًا مهمة: الدوالي ليست مجرد مشكلة شكلية أو تجميلية، بل مرض يمكن أن يؤثر على جودة حياتك إذا أهملته. أصبحت الآن أكثر وعيًا، أمارس الرياضة بانتظام، أتجنب الوقوف لفترات طويلة بلا حركة، وأحرص على ارتداء الجوارب الضاغطة في الأيام المزدحمة.

 

هذه التجربة علّمتني أن الاستماع لإشارات جسدك في الوقت المناسب قد يجنبك الكثير من الألم والمضاعفات.