تجربتي في أكل الشارع والفاست فود

 

بدأت القصة منذ حوالي عامين، حين كنت أعيش فترة مزدحمة للغاية بين الدراسة والعمل. كان وقتي ضيقًا جدًا، ولم يكن لدي أي طاقة أو وقت لتحضير الطعام في المنزل. كنت أرى أن أسرع حل هو الاعتماد على وجبات الفاست فود الجاهزة أو الأكلات السريعة من عربات الشارع. كنت أقول لنفسي: “لن يحدث شيء، كل الناس تأكل من هذه الأماكن.” لم أكن أتخيل أن هذه الجملة البسيطة ستكلفني كل تلك المعاناة فيما بعد.

 

في البداية كان الأمر ممتعًا، فطعم الأكل الشهي، والخيارات السريعة، والمذاق المليء بالتوابل والدهون كان يغري عقلي المتعب. كنت أتناول وجبات البرجر والبيتزا يومًا بعد يوم، وأحيانًا أشتري السندوتشات الشعبية من الشارع، دون أن أسأل عن طريقة الطهي أو نظافة المكان. خلال أسابيع قليلة، بدأت ألاحظ بعض التغيرات، لكنني تجاهلتها. كان وزني يزيد ببطء، وبدأت أشعر بثِقل في معدتي بعد كل وجبة، وأعاني من شعور مستمر بالخمول.

 

تذكرني حادثة معيّنة كيف انقلبت حياتي رأسًا على عقب. في أحد الأيام، كنت في عجلة شديدة، فاشتريت شاورما من عربة متوقفة في الشارع. لم أستطع مقاومة رائحتها الشهية، لكن بعد بضع ساعات فقط، بدأت أشعر بآلام شديدة في معدتي. شعرت بحرارة في جسدي، وتشنجات جعلتني ألتف من الألم، ثم بدأ القيء والإسهال بشكل متواصل. انتهى بي الأمر في قسم الطوارئ بالمستشفى، وهناك أكد الطبيب أنني أعاني من تسمم غذائي حاد بسبب تناول طعام ملوث. قال لي الطبيب وقتها جملة صادمة: “الأكل اللي بتاخديه من الشارع ممكن يدمرك لو كان مُخزن أو مطبوخ بطريقة غلط.”

 

ذلك اليوم كان نقطة التحول. قضيت ثلاثة أيام كاملة في المستشفى أتعافى من آثار التسمم، وكنت ألوم نفسي على هذا الإهمال. تذكرت كيف كنت أشتري الطعام دون أي تفكير، فقط لأنني أبحث عن الراحة السريعة.

 

لم تتوقف آثار هذه التجربة على التسمم فقط. بسبب الفاست فود، ظهرت لي مشاكل أخرى. لاحظت أن بشرتي أصبحت مليئة بالحبوب، وشعرت أن شعري بدأ يضعف، وطاقتي اليومية صارت شبه معدومة. كنت أتناول أطعمة مليئة بالدهون والزيوت المهدرجة والمواد الحافظة، دون أن أدرك كم هي خطيرة على جسدي.

 

بعد هذه التجربة، قررت التغيير. بدأت أبحث عن طرق سهلة لتحضير وجبات سريعة وصحية في المنزل. صرت أخصص يومًا لتحضير بعض المكونات مثل الخضار والدجاج، وأخزنها لأستخدمها على مدار الأسبوع. كان الطعم مختلفًا، لكن الإحساس بالراحة والطاقة كان أفضل بكثير.

 

بعد أشهر من الابتعاد عن الفاست فود، شعرت بفارق هائل. وزني بدأ ينزل تدريجيًا، بشرتي عادت صافية، ومعدتي لم تعد تعاني من الحموضة أو الانتفاخ. حتى نومي أصبح أفضل، وصرت أشعر أنني أتحكم في حياتي وصحتي من جديد.

 

تجربتي علمتني أن أكل الشارع والفاست فود قد يكون ممتعًا في لحظته، لكن عواقبه مريرة. نحن لا نعرف ما يحدث خلف الكواليس، ولا كيف يُطهى هذا الطعام أو كيف يُخزن. ربما نرى سندوتشًا شهيًا في دقائق، لكننا لا نرى تراكم البكتيريا والزيوت الفاسدة.

 

واليوم، أنصح كل من يعرفني أن يتجنب هذه العادة قدر الإمكان. الأكل في البيت ليس فقط أوفر، بل هو أمان وصحة وراحة طويلة المدى.