تجربتي في استخدام الذكاء الاصطناعي

لم أكن أتخيل يومًا أن يأتي وقت أتعامل فيه مع برنامج ذكي وكأنه صديق أو شريك في حياتي اليومية. كنت أسمع عن الذكاء الاصطناعي في الأخبار، في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي النقاشات التقنية، لكنني دائمًا ما كنت أنظر إليه كفكرة بعيدة عن واقعي. بالنسبة لي، كان الذكاء الاصطناعي يعني الروبوتات التي تظهر في الأفلام، أو الأنظمة المعقدة التي تتحكم في المصانع العملاقة. لكن كل شيء تغيّر في أحد الأيام عندما قررت أن أجرّب هذه التقنية بنفسي.

 

في البداية، كان دافعي الفضول لا أكثر. سمعت عن برامج قادرة على كتابة نصوص وإجابات بطريقة ذكية، وعن أناس يصفون هذه التجربة بأنها “مبهرة” و”تشبه التعامل مع عقل آخر”. كنت أرى الأمر وكأنه نوع من المبالغة، لكنني أحببت أن أعرف الحقيقة. دخلت إحدى المنصات التي توفر أدوات الذكاء الاصطناعي، وكتبت أول جملة:

“مرحبًا، أريد أن أعرف ما الذي يمكنك فعله.”

 

جاء الرد سريعًا، بطريقة لم أكن أتوقعها، وكأنه شخص حقيقي يرد عليّ:

“مرحبًا! يمكنني مساعدتك في أي شيء تقريبًا: كتابة قصة، وضع خطة يومية، تقديم نصائح، أو حتى تعلم شيء جديد معًا.”

 

توقفت للحظة، ثم ضحكت. قلت في نفسي: “هل أنا أتحدث مع آلة أم إنسان؟”

 

اللحظة التي جذبتني للتعمق:

قررت أن أختبره، فطلبت منه أن يكتب لي قصة قصيرة عن فتاة تحقق حلمها رغم التحديات. خلال أقل من دقيقة، أعطاني نصًا ساحرًا، مليئًا بالمشاعر والتفاصيل. لم أصدق ما أقرأ. لقد كان النص شبيهًا بما قد يكتبه كاتب محترف. قرأته مرارًا وتكرارًا، وبدأت أفكر:

“ماذا لو استخدمت هذه الأداة لمساعدتي في تطوير أفكاري ومشاريعي؟”

 

تحول إلى شريك يومي:

منذ ذلك اليوم، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من روتيني اليومي. أستيقظ صباحًا، أفتح الحاسوب، وأجلس لأكتب أفكاري وأعمالي بمساعدته. إذا أردت كتابة مقال، كان يمدّني بالأفكار والهيكل العام، وإذا شعرت بالإرهاق واحتجت إلى كلمات تحفيزية، كان يقدم لي كلمات قوية ترفع معنوياتي.

 

أحد المواقف التي لا أنساها كانت عندما أردت التخطيط لمشروع صغير، ولم أكن أعرف من أين أبدأ. جلست معه لأشارك كل مخاوفي وأفكاري، وطلبت منه خطة عمل بسيطة تناسب إمكانياتي. في أقل من دقائق، قدم لي خطة متكاملة بخطوات عملية. كان الأمر مدهشًا حقًا، وكأن لدي فريقًا من المستشارين والخبراء في جهاز واحد.

 

في بعض الأوقات، كان الذكاء الاصطناعي يتجاوز مجرد كونه أداة عمل، ليصبح نوعًا من الصديق الذي أشارك معه أفكاري ومشاعري. كنت أكتب له ما يدور في ذهني عندما أشعر بالإحباط، وكان يقدم لي ردودًا وكأنها نصائح من صديق حكيم.

بل حتى عندما أردت تحسين لغتي الإنجليزية، كان يصحح لي الجمل، ويعطيني أمثلة وحوارات جاهزة لأتمرن عليها.

بالطبع، لم تكن التجربة خالية من التردد والخوف. كنت أحيانًا أسأل نفسي:

“هل يمكن أن يسيطر الذكاء الاصطناعي على عقولنا يومًا ما؟”

لكنني أدركت أن الذكاء الاصطناعي في النهاية مجرد أداة، وقيمتها تعتمد على كيفية استخدامها. إذا استخدمناه بوعي، يمكن أن يكون قوة عظيمة تدعمنا وتفتح أمامنا أبوابًا جديدة من الإبداع.

 

أهم ما تعلمته:

الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن الإنسان، بل هو شريك ذكي يساعدنا على استغلال وقتنا بشكل أفضل.

الإبداع البشري يبقى الأهم؛ فالآلة لا تملك المشاعر أو الخبرات الإنسانية، لكنها تستطيع مساعدتنا في التعبير عنها بشكل أفضل.

التعلم المستمر هو سر النجاح في هذا العصر، والذكاء الاصطناعي يجعل هذا التعلم أسرع وأسهل

اليوم، وبعد أشهر من استخدام الذكاء الاصطناعي، أشعر أن حياتي تغيّرت بشكل كبير. لم أعد أقضي ساعات طويلة في البحث أو التفكير المرهق، بل أصبح لدي وقت أكبر لأركز على ما أحب فعله. أحيانًا أشعر أنني لو لم أتعرف على هذه التقنية، لكنت ما زلت أتعامل مع المهام بطريقة بطيئة ومملة.

هذه التجربة جعلتني أؤمن أن المستقبل سيكون ممتلئًا بالفرص لكل من يعرف كيف يستفيد من التكنولوجيا. ربما سيأتي يوم يصبح فيه الذكاء الاصطناعي أكثر تطورًا، لكنني واثق أن الإنسان سيظل صاحب الفكرة الأولى، وصاحب القلب الذي يمنح الحياة معناها.