تجربتي في السفر لوحدي

 

“تجربتي في السفر وحدي: مغامرة العمر”

منذ سنوات، كنت أعيش حياة روتينية، تتكرر فيها الأيام بلا تغيير يُذكر. كان العمل يستهلك وقتي، والعلاقات الاجتماعية سطحية، ولم أكن أشعر أنني أعيش بحق. في إحدى الليالي، وبينما كنت أتصفح صورًا لسفر أشخاص لا أعرفهم على موقعٍ اجتماعي، شعرت بشيء يتحرك داخلي. قررت فجأة، ودون تردد: سأسافر وحدي.

بدأت أُخطّط للرحلة، وكانت الوجهة: المغرب. لا أدري لماذا اخترت المغرب، لكن شيئًا ما في صور المدن القديمة، والأسواق الشعبية، والصحراء الواسعة، جذبني.

أعددت حقيبتي بخفة، أخذت الضروريات فقط، وودّعت أهلي الذين لم يخفوا قلقهم من فكرة سفر فتاة وحدها، لكنني كنت مصممة.

حين وصلت إلى مراكش، كانت الشمس تميل إلى الغروب، والسماء متلونة بدرجات البرتقالي والوردي. استقبلتني رائحة التوابل والموسيقى في ساحة “جامع الفنا”، حيث كان كل شيء حيًّا وصاخبًا بطريقة ساحرة. كنت خائفة بعض الشيء، لكنني شعرت بالحرية لأول مرة منذ زمن بعيد.

في الليلة الأولى، تاهت بي الطرقات القديمة، ودخلت زقاقًا ضيقًا خافت الإضاءة. للحظة، شعرت بالذعر، لكن امرأة عجوز ظهرت من أحد الأبواب وسألتني إن كنت بحاجة للمساعدة. أرشدتني إلى فندقي، ثم ناولتني كوبًا من الشاي بالنعناع وهي تبتسم. لا أنسى دفء تلك اللحظة. بعد أيام من التجوال في الأسواق وزيارة المعالم، قررت الذهاب إلى صحراء مرزوكة. كان الطريق طويلاً بالحافلة، لكن المنظر كان يستحق. في الليل، نمت تحت السماء المليئة بالنجوم، مع مجموعة من الغرباء، حول نار صغيرة. رقصنا على إيقاع الطبول البربرية، وتحدثنا عن الحياة والحلم. في تلك الليلة، بكيت. لم يكن حزنًا، بل كانت دموع شكر للكون على هذا الشعور بالانتماء، رغم أنني بعيدة عن كل ما أعرفه.

في مدينة فاس، حدثت مغامرتي الأكبر. قررت أن أستكشف المدينة القديمة دون خريطة. كنت أتنقل من زقاق إلى آخر، ألتقط الصور، وأدون ملاحظاتي. بعد ساعات، أدركت أنني ضائعة تمامًا. لم يكن لدي إنترنت، والناس يتحدثون لهجات مختلفة. شعرت بالتوتر، لكنني تذكرت شيئًا قرأته: “الثقة في نية الرحلة أهم من معرفة الطريق”.

اقتربت من شاب يبيع السيراميك، وسألته عن المخرج. لم يفهمني في البداية، لكنه أشار لي أن أنتظره. بعد دقائق، أنهى عمله وأخذني في جولة صغيرة، وعرّفني على أماكن لم أكن لأصل إليها وحدي. لم يرغب في المال، فقط قال: “أنتِ ضيفتنا، ولا نأخذ من الضيف شيئًا”.

العودة:

عندما عدت إلى وطني بعد أسبوعين، لم أعد الشخص ذاته. كنت أكثر قوة، أكثر ثقة، وامتلأ قلبي بحكايات لا تُنسى. تعلّمت أن العالم ليس مخيفًا كما نظن، وأن الوحدة ليست دائمًا وحشة، بل قد تكون بابًا إلى أعظم اكتشافاتنا