دائماً كنت اسمع عن الغطس ولكن ولم افكر يوماً ان اخوض هذه التجربة وان تجربة مثل هذه ستغير نظرتي للعالم بهذا الشكل العجيب. كانت بدايتي مع الغطس بمحض الصدفة، حين دعاني صديق لي إلى رحلة بحرية في مدينة ساحلية صغيرة. في البداية شعرت بالخوف من فكرة النزول تحت الماء، فلطالما بدا لي البحر عالماً غامضاً لا يمكن التنبؤ بما يخفيه في أعماقه.
في اليوم الأول، ارتديت بدلة الغطس بيدين ترتجفان من القلق. كان المدرب يشرح خطوات التنفس عبر أنبوب الأكسجين وكيفية الإشارات تحت الماء، وأنا أراقب حركة الأمواج وكأنها تدعوني لاكتشاف أسرارها. وعندما حانت لحظة القفز، شعرت بأن قلبي يقفز معي.
المغامرة الأولى بدأت عندما لامست المياه الباردة وجهي. كان كل شيء من حولي مختلفاً، العالم أصبح صامتاً إلا من صوت تنفسي. أول ما جذبني هو ذلك القاع الرملي المزين بالشعاب المرجانية الملونة، وكأنني دخلت إلى لوحة فنية مرسومة بعناية. رأيت أسماكاً صغيرة تتحرك في انسجام، وأسماكاً ضخمة تمر بجانبي بثقة وكأنها لا تخاف شيئاً.
في إحدى جولات الغطس، قادنا المدرب إلى كهف صغير تحت الماء، وكانت المغامرة أشبه بفيلم أكشن. دخلنا من فتحة ضيقة، وإذا بنور الشمس ينعكس على الصخور في الداخل بطريقة ساحرة، مكوناً أشكالاً تشبه النجوم. هناك، وجدت نفسي وجهاً لوجه مع سلحفاة بحرية ضخمة. لحظة النظر في عينيها جعلتني أشعر وكأنها تخبرني قصة حياتها الطويلة.
لكن لم تكن كل المغامرات سهلة. في إحدى المرات، أثناء الغطس في منطقة أعمق، ضللت طريقي للحظات ولم أرَ المجموعة. شعرت بقلبي يتسارع، لكنني تذكرت تعليمات المدرب عن الهدوء والتنفس البطيء. فجأة، رأيت ظلاً ضخماً يتحرك بالقرب مني. كان حوتاً صغيراً! لم أصدق عيني. مر الحوت بجانبي ببطء وكأنه يقول: “أنت ضيف في عالمي، لكنك مرحب بك.”
لم تقتصر المغامرات على المخلوقات البحرية فقط. في إحدى الرحلات الليلية للغطس، كان الظلام يلف كل شيء إلا من بعض أضواء الكشافات. فجأة، أضاءت المياه من حولنا بفضل كائنات بحرية مضيئة، منظر جعلني أشعر أنني أسبح وسط سماء مليئة بالنجوم.
الغطس لم يكن مجرد هواية، بل أصبح رحلة لاكتشاف نفسي. كل مرة أنزل فيها إلى الأعماق أشعر أنني أترك وراءي هموم الحياة، وأغوص في عالم آخر يعيد إليّ صفاء الذهن وسلام الروح.