لم أكن أتخيل يومًا أن تعلم السواقة سيكون مغامرة مليئة بالخوف والضحك والدموع، وينتهي بدرس عمري لن أنساه أبدًا. كنت دائمًا أرى السواقة رمزًا للحرية، وأتخيل نفسي أقود السيارة والنوافذ مفتوحة، والهواء يلامس وجهي وكأنني أتحكم بالعالم كله. لكن عندما بدأت التجربة، اكتشفت أن الطريق مليء بالتحديات، وأحيانًا بالمفاجآت غير المتوقعة.
أول يوم تدريب كان أشبه بفيلم كوميدي. جلست خلف عجلة القيادة، يدي ترتجفان ورجلي متصلبة على الدواسات. المدرب جلس بجانبي مبتسمًا، وقال لي: “لا تقلقي، كل سائق جيد كان مبتدئًا مثلك.”
تحركت السيارة لأول مرة، لكني لم أتمكن من التمييز بين دواسة البنزين والفرامل، حتى كدت أوقف السيارة في منتصف الطريق. كان قلبي يخفق بقوة، وكل السيارات من حولي تبدو وكأنها تراقبني. ومع كل خطأ صغير، كنت أضحك على نفسي، رغم التوتر.
بعد عدة حصص تدريبية، بدأت أشعر بالثقة. وقررت ذات يوم أن أجرب القيادة في شارع مزدحم مع صديقتي بدلًا من المدرب. هنا بدأت المغامرة الحقيقية!
الزمامير من كل اتجاه، والسائقون يصرخون كأنني أرتكب جريمة بحق الطريق. لكن أكثر المواقف المضحكة عندما حاولت ركن السيارة بين سيارتين، فدخلت السيارة في وضع مائل جعل الناس يتوقفون لمشاهدتي، حتى جاء رجل كبير وساعدني وهو يضحك قائلًا: “أنتِ لا تركنين، أنتِ ترسمين خطوطًا!”
في أحد الأيام، كنت أقود مع أبي في طريق سريع، وكنت أحاول أن أبدو واثقة. فجأة ظهرت سيارة أمامي بشكل مفاجئ، ضغطت على الفرامل بكل قوتي، لكن السيارة انحرفت قليلًا وصدمنا حاجزًا صغيرًا على جانب الطريق.
كانت لحظة صدمة… لم يكن الحادث خطيرًا، لكن قلبي ارتجف ويداي بردتا. جلست أبكي ظنًا أنني لن أعود للقيادة مرة أخرى. أبي، رغم خوفه، وضع يده على كتفي وقال: “الحوادث تصنع السائقين الأقوياء. الشجاعة أن تقودي من جديد.”
العودة أقوى من قبل
بعد الحادثة، كان داخلي خوف كبير من لمس عجلة القيادة. لكني قررت أن هذه لن تكون نهاية حلمي. عدت للتدريب من جديد، كأني أبدأ من الصفر، ولكن بشجاعة أكبر. كنت أقول لنفسي كل يوم: “الطريق لا يخيف من يعرف كيف يواجهه.”
بدأت أقود بثقة أكبر، تعلمت من أخطائي، وأدركت أن القيادة ليست فقط تحريك السيارة، بل هي هدوء أعصاب، قرارات سريعة، وشجاعة في مواجهة المواقف الصعبة.
اليوم، كلما تذكرت تلك الحادثة، أبتسم. لقد كانت نقطة تحول في حياتي، علمتني أن السقوط ليس نهاية الطريق، بل بداية جديدة أقوى. السواقة أصبحت جزءًا من شخصيتي، وأصبحت رمزًا للشجاعة والحرية التي اكتسبتها.