رحلتي مع اللغة الإيطالية: شغف يفتح الأبواب
لطالما كنتُ أحب المغامرات، ليس القفز من الطائرات أو تسلق الجبال، بل مغامرات العقل واكتشاف عوالم جديدة. ومنذ فترة طويلة، كنتُ أحلم بزيارة إيطاليا، ليس فقط لأرى المعالم السياحية، بل لأتحدث مع أهلها، أفهم نكاتهم، وأعيش “اللحظة الإيطالية” بكل تفاصيلها. لهذا السبب، قررتُ أن أتعلم اللغة الإيطالية.
في البداية، كنتُ مليئة بالحماسة. اشتريتُ كتبًا، نزّلتُ تطبيقات، وبدأتُ أردد الكلمات مثل “Buongiorno” و “Grazie” وكأنني أغني أوبرا صغيرة. لكن سرعان ما اكتشفتُ أن الأمر ليس بهذه السهولة. قواعد اللغة بدت كأحاجي معقدة، والنطق كان يتطلب مني لفّ لساني بطرق لم أعتدها. شعرتُ بالإحباط أحيانًا، خاصة عندما كنتُ أحاول بناء جملة بسيطة وتخرج مني فوضى لغوية مضحكة.
تحدي الأكبر لم يكن في حفظ الكلمات، بل في التحدث. كنتُ أخشى ارتكاب الأخطاء، مما جعلني أتجنب ممارسة المحادثة. في أحد الأيام، قررتُ أن أتجاوز هذا الخوف. اشتركتُ في لقاء أسبوعي لمتحدثي الإيطالية المحليين. كنتُ أرتجف في أول لقاء، بالكاد نطقتُ بكلمة “Ciao”. لكن دفء المشاركين وتشجيعهم كان كفيلًا بكسر الجليد. بدأتُ أستمع أكثر مما أتكلم، ألتقط تعبيرات الوجه ونبرات الصوت، وأحاول الربط بين الكلمات والسياق.
مرت الأسابيع، وبدأتُ ألاحظ تطورًا ملحوظًا. لم أعد أخشى الخطأ بقدر ما كنتُ أخشى عدم المحاولة. بدأتُ أستخدم جملًا أطول، وأفهم أجزاء أكبر من المحادثات. لم أكن مثالية، ولكني كنتُ أتقدم. كانت لحظة الفوز الحقيقية عندما استطعتُ أن أطلب قهوتي المفضلة في مقهى إيطالي بطريقة صحيحة تمامًا أثناء رحلتي الأولى لإيطاليا بعد عام من التعلم، وأتبادل بضع كلمات ودية مع باريستا يبتسم لي. شعرتُ وكأنني حققت إنجازًا عظيمًا.
الآن، بعد سنوات، ما زلتُ أتعلم. فتعلم اللغة رحلة مستمرة. لكنني لم أعد أشعر بالإحباط من الأخطاء، بل أراها فرصًا للتعلم. الأهم من ذلك، أنني اكتشفتُ أن تعلم لغة جديدة ليس فقط عن الكلمات والقواعد، بل هو نافذة تفتح على ثقافة جديدة، طريقة تفكير مختلفة، وعالم أوسع من التواصل الإنساني. وبفضل اللغة الإيطالية، أصبح حلمي بزيارة إيطاليا أكثر عمقًا وثراءً، وأصبحتُ قادرة على أن أعيش “اللحظة الإيطالية” بكل جوهرها.