“تجربتي مع قراءة سورة يس يومياً وسحرها العجيب”
كنت أعيش حياةً عادية، تتخللها ضغوط الحياة اليومية، وتقلبات النفس، وكثرة الهموم التي لا تنتهي. شعور داخلي بالخواء، وضيق لا أعرف له سببًا، رغم أن ظاهريًا لا ينقصني شيء. لدي أسرة، وعمل مستقر، وأصدقاء، ولكنني كنت أشعر وكأن شيئًا ما ينقصني، شيءٌ لا يُملأ بالماديات أو العلاقات.
في يوم من الأيام، كنت أقلب هاتفي باحثة عن شيء يُشعرني بالسكينة، فوقعت عيناي على مقطع صغير يتحدث عن فضل سورة يس، وكيف أن من يداوم على قراءتها يومياً يرى أثرها العجيب في حياته. لا أنكر أنني ترددت في البداية، وقلت في نفسي: “هل يمكن حقًا أن تحدث سورة واحدة هذا التأثير؟”
لكن الفضول دفعني للمحاولة.
في اليوم الأول، قرأتها مساءً بعد العشاء، بترتيل خاشع، وحاولت أن أتدبر معانيها. لا أنكر أنني شعرت براحة غريبة، لكنني ظننت أنه مجرد تأثير لحظي.
مرّ اليوم الثاني، ثم الثالث، وبدأت ألتزم بقراءتها يومياً، حتى أصبحت جزءًا من يومي لا أستطيع الاستغناء عنه. وفي خلال أسبوع، لاحظت تغيرًا حقيقياً. قلّ توتري، وهدأت نفسي، وبدأت أستيقظ بإحساس مختلف، كأن نورًا داخليًا قد أُضيء في قلبي.
لكن المدهش لم يكن فقط في الشعور النفسي… بل في الأحداث التي تتابعت بعدها.
كنت أبحث عن فرصة عمل أفضل منذ أكثر من سنة دون جدوى، وفجأة، وبعد أقل من شهر من المواظبة على سورة يس، تلقيت عرضًا وظيفيًا لم أتوقعه، في مكان كنت أحلم بالعمل فيه. لم أسعَ إليه، بل جاءني كهدية من السماء.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تحسنت علاقتي مع والدتي التي كانت تشهد توترًا منذ سنوات، وبدأت أشعر أن البركة تتسلل إلى وقتي، ومالي، وحتى أبسط تفاصيل حياتي.
كنت كلما هممت بقراءة السورة، شعرت كأنني أجلس في حضرة الله، أُفضي إليه كل ما في قلبي، وأستنير بكلماته. كنت أردد الآية: “إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون”، وأشعر أن الأمل يعود إلى قلبي، وأن المستحيل ليس له وجود مع الدعاء والتوكل.
ولعل أجمل ما حدث، هو أنني لم أعد أعيش نسخة مزيفة مني، بل عدت إلى ذاتي الحقيقية، المتصلة بالله، الواثقة برزقه، الراضية بقضائه، والعاملة بالأسباب.
سورة يس لم تكن فقط كلمات تُتلى، بل كانت دواءً، ونورًا، وسحرًا من نوع آخر. علمتني أن القرآن ليس كتابًا يُقرأ فقط، بل هو حياة تُعاش، وسر من أسرار الطمأنينة.
منذ تلك التجربة، أصبحت أنصح بها كل من أعرف، لا لتتحسن ظروفه فقط، بل ليذوق طعم القرب الحقيقي من الله.