تجربتي ف سعة الرزق بإطعام العصافير علي شباك بيتي

 

تجربتي في سعة الرزق بإطعام العصافير صباحًا على شباك بيتي

لم أكن أتخيل يومًا أن تصرفًا صغيرًا وبسيطًا، مثل نثر القليل من حبوب الأرز على شباك بيتي، سيكون له كل هذا الأثر الكبير في حياتي. لقد بدأت حكايتي في وقت كنت أشعر فيه بضيق شديد في الرزق، والهموم تلاحقني من كل ناحية. كل ما كنت أتمناه حينها هو القليل من الطمأنينة، وشعور بأن الله ما زال يفتح لي أبوابًا من حيث لا أحتسب.

في صباح أحد الأيام، كنت أتناول إفطاري على مائدة بسيطة بجوار الشباك، ولاحظت عصافير صغيرة تحوم قريبًا منه، وكأنها تبحث عن شيء تأكله. تحرك قلبي نحوها، فقمت وأحضرت بعض حبوب الأرز الجافة ونثرتها على حافة الشباك. جلست أراقبها وهي تقترب بخجل، ثم تقفز بخفة لتلتقط الحبوب بمنقارها، ثم تطير مبتعدة.

تكرر هذا المشهد في اليوم التالي، واليوم الذي يليه، حتى أصبح طقسًا يوميًا لا أبدأ به يومي دون أن أؤديه. كنت أستيقظ مبكرًا، أفتح الشباك، وأضع القليل من الحبوب أو الفتات، ثم أراقب تلك العصافير وهي تأتي في جماعات، تزقزق بفرح، وتملأ الجو بحياة جميلة لا توصف. ومع مرور الأيام، لاحظت شيئًا غريبًا يحدث… لقد بدأت حياتي تتغير.

بدأت تأتيني فرص لم أكن أتوقعها، رزق من حيث لا أدري: وظيفة جديدة، عمل إضافي، هدايا صغيرة، وتسهيلات في أمور كانت معقدة. الأمور التي كانت متوقفة بدأت تتحرك، والقلق الذي كان يسكن قلبي بدأ يخفّ، واستبدلته بسكينة غريبة.

كنت أعلم أن الطيور لا تملك قوتها، وأن الله هو الرازق لها ولنا، لكنني شعرت أنني صرت سببًا بسيطًا في رزقها، وأن الله جعلني بابًا لها، ففتح لي بدوري أبوابًا كنت أظنها مغلقة. كل صباح كنت أقول في نفسي: “ربّما كانت هذه الحبة الصغيرة سببًا في رزق كبير لا أراه الآن، لكنه قادم”.

مرت الشهور، وأصبح مشهد العصافير عند شباكي جزءًا من روحي. حتى في الأيام الممطرة، كانت تأتيني، تنتظر حصتها، فأفتح الشباك رغم البرد، وأضع لها ما تيسر، كأنني لا أريد أن أقطع هذا الوصل الجميل الذي جمعني بها.

اليوم، وأنا أكتب هذه الكلمات، أقول بكل يقين: نعم، في إطعام الطير بركة لا توصف. لقد جربت ذلك بنفسي، وشعرت بسعة في رزقي لم تكن منطقية أو محسوبة، بل كانت من فضل الله، ومن رحمةٍ امتدت من فعل صغير إلى أثر كبير في حياتي.

ربما لا يعرف الناس كم في العطاء من رزق، وكم في الرحمة من جزاء، لكن العصافير التي أطعمها كل صباح علمتني أن من يرحم من في الأرض، يرحمه من في السماء، وأن رزقك لا ينقص إن أعطيت، بل يزداد بطرق لا تُرى، ولكن تُحس وتُعاش.