إليكم قصتي مع ترك الهاتف لمدة أسبوع كامل، تجربة غيّرتني تمامًا وجعلتني أرى الحياة بشكل مختلف، وكأنني كنت أعيش في سجن صغير صنعته بيدي.
بدأت القصة حين لاحظت أن يومي يضيع دون أن أشعر. أفتح الهاتف من لحظة استيقاظي، أتصفح السوشيال ميديا، أتنقل بين الرسائل والإشعارات، وفجأة أجد أن الساعات قد مرت دون أن أفعل أي شيء مفيد. كنت أشعر أن عقلي مُثقل، وأن وقتي يضيع على أشياء تافهة. وفي أحد الأيام، قررت أن أجرّب شيئًا لم أتصور أنني أقدر عليه: ترك الهاتف تمامًا لمدة أسبوع.
كان الأمر في البداية صعبًا جدًا. شعرت وكأن يدي فارغة، وكأن هناك شيء مفقود. كنت أمد يدي إلى المكان الذي أضع فيه هاتفي بشكل تلقائي، ثم أتذكر أنني اتخذت هذا القرار. شعرت بملل كبير في البداية، وبدأت أواجه نفسي بأسئلة لم أطرحها من قبل: ماذا سأفعل بكل هذا الوقت؟
لكن مع مرور الساعات، بدأت ألاحظ شيئًا غريبًا: لدي فجأة وقت كثير! وقت لم أكن أراه من قبل. جلست أقرأ كتابًا كان مركونًا على رفّي منذ أشهر. في اليوم الثاني، بدأت أكتب يومياتي بالقلم، شيء لم أفعله منذ سنين.
في اليوم الثالث، قررت أن أخرج من البيت بدون هاتف، شيء لم أتخيله. ذهبت لأتمشى في الشارع، ورأيت تفاصيل لم أكن ألاحظها: الأطفال يلعبون، الناس يضحكون، وحتى أصوات الطيور التي نسيت وجودها. شعرت أنني أعيش اللحظة بحق.
مع مرور الأيام، بدأت أكتشف نفسي الحقيقية. لم أعد مشتتة بالصور والمقاطع القصيرة، وبدأت أفكر في أهدافي وأحلامي. رتبت غرفتي بالكامل، طبخت وصفات جديدة، وزرت أهلي وجلست معهم دون أن أقاطعنا إشعارات الهاتف. حتى نومي أصبح أفضل، كنت أنام مبكرًا وأستيقظ بنشاط، وكأن حياتي عادت إلى إيقاعها الطبيعي.
في اليوم السادس، شعرت أنني لا أريد أن أعود كما كنت. أحسست أنني صرت أملك وقتًا لأمارس الهوايات التي أحبها: الرسم، الكتابة، والتأمل. كنت أعيش يومي بوعي كامل، وأشعر أنني أملك وقتي، لا أنني أضيعه على شاشة.
وعندما انتهى الأسبوع وعدت إلى هاتفي، لم أشعر بنفس الحماس القديم. لم يعد الهاتف يسيطر على يومي كما كان، وصرت أستخدمه بوعي أكبر، فقط للأشياء الضرورية.
هذه التجربة علّمتني أن الهاتف ليس سيئًا في حد ذاته، لكنه يصبح عبئًا حين يأخذ كل وقتنا ويمنعنا من عيش حياتنا الحقيقية. الآن، أخصص وقتًا معينًا فقط للهاتف، وأترك لنفسي ساعات من “الصمت الرقمي” لأستمتع بالحياة.