تجربتي مع روتين يومي صحي

تجربتي في بناء روتين يومي ناجح

قصة واقعية من الفوضى إلى السلام الداخلي

 

كنت أعيش سنوات من الفوضى. أيامي تمر دون تنظيم، استيقظ متأخراً، أتناول إفطاري متأخراً أو لا أتناوله أصلاً، أؤجل مهامي، وأقضي معظم الوقت متذبذبة بين الهاتف والتلفاز. شعرتُ أنني أُهدر عمري، أنني لا أعيش بل أستهلك الوقت وأنتظر شيئًا لا أعرفه. كانت حياتي خالية من المعنى، وقلبي مليء بالقلق والتوتر والضيق الذي لا أعرف سببه.

وذات ليلة، جلستُ أمام المرآة أنظر إلى نفسي بتمعّن، وقلت بصوتٍ خافت: “إلى متى؟” لم أستطع تحمل هذا الشعور أكثر. كنت أعلم في داخلي أن التغيير ممكن، لكنه لن يحدث وحده. كنت أنا من عليه أن يبدأ.

 

قررتُ أن أبني روتينًا يوميًا ثابتًا، ليس روتينًا صارمًا يخنقني، بل نظامًا يمنحني شعورًا بالاتزان والوضوح. بدأت بخطوات بسيطة جدًا:

الخطوة الأولى: الاستيقاظ مبكرًا

كان ذلك أصعب قرار. أول أسبوع شعرتُ فيه بالإرهاق، لكنني التزمت. كنت أستيقظ في الخامسة والنصف صباحًا، وأول شيء أقوم به هو فتح النافذة واستنشاق هواء الفجر. ثم جلست في هدوء لأقرأ جزءًا من القرآن، وأحيانًا صفحة واحدة فقط، لكن ذلك كان كافيًا ليمنحني طاقةً عجيبة.

 

الخطوة الثانية: دفتر المهام

اشتريت دفتراً صغيرًا، وبدأت أكتب فيه كل يوم ثلاثة أشياء أريد إنجازها. فقط ثلاث. كنت أحرص على أن تكون واقعية وبسيطة، مثل: “الانتهاء من قراءة فصل في كتاب”، أو “مكالمة والدتي”، أو “ترتيب خزانة الملابس”. ومع كل مهمة أنهيها، أضع علامة (✔) وأشعر بفرح داخلي لا يوصف.

الخطوة الثالثة: تخصيص وقت للراحة

تعلمت أن الإنتاجية ليست عملًا متواصلاً، بل توازناً بين النشاط والراحة. خصصت وقتًا للمشي في الهواء الطلق، ووقتًا للكتابة الحرة دون هدف، فقط لأُفرغ ما بداخلي. وأحيانًا أُطفئ الهاتف وأجلس في صمت.

لم يكن الطريق سهلاً. في البداية، شعرتُ بالملل، وراودتني الرغبة في العودة للعشوائية. كنت أُخفق أحيانًا، لكنني كنت أعود. تعلّمت أن الاستمرارية ليست في الكمال، بل في العودة كلّما سقطت.

النتيجة

بعد ثلاثة أشهر، لاحظت التغير. أصبحت أكثر هدوءًا، نومي تحسّن، إنتاجيتي زادت، علاقتي بنفسي أصبحت أقرب. أصبحت أستمتع بالتفاصيل الصغيرة، كوب القهوة في الصباح، صوت الطيور، ترتيب سريري، حتى لحظات الصمت.

ثم جاء اليوم الذي استيقظت فيه دون منبّه، شعرت بشيء جديد يسري بداخلي… سعادة حقيقية. لا لسبب خارجي، بل لأنني عثرت على إيقاع لحياتي، على نظام يناسبني ويشبهني.

وفي نهاية هذه الرحلة، أدركت شيئًا ثمينًا:

أن بناء روتين ناجح ليس قيدًا، بل مفتاحٌ للحرية، وبابٌ للسعادة الحقيقية.