قصتي مع القولون العصبي بدأت منذ عدة سنوات. كانت البداية غامضة، مجرد شعور بعدم الارتياح في البطن، مصحوبًا ببعض الانتفاخات الخفيفة بعد تناول الطعام. كنت أظنها مشكلة عابرة، ربما بسبب وجبة ثقيلة أو طعام غير صحي، ولكن الأعراض بدأت تتكرر وتزداد حدة بمرور الوقت.
الأعراض التي غيرت حياتي
تطورت الأمور بسرعة، وأصبحت الأعراض جزءًا لا يتجزأ من يومي. كنت أستيقظ صباحًا على شعور بتقلصات مؤلمة في بطني، وكأن هناك “عقدة” لم أستطع فكها. كان الانتفاخ شديدًا لدرجة أن ملابسي أصبحت ضيقة وغير مريحة. المشكلة الأكبر كانت تغير نمط الإخراج، ففي بعض الأيام كنت أعاني من الإسهال المفاجئ، وفي أيام أخرى كنت أعاني من الإمساك الشديد. هذا التناوب كان محيرًا ومزعجًا للغاية.
لم تكن الأعراض جسدية فقط، بل أثرت على حالتي النفسية أيضًا. كنت أشعر بالقلق والتوتر بشكل مستمر، خوفًا من نوبة مفاجئة أثناء خروجي مع أصدقائي أو في اجتماع عمل. هذا القلق زاد من سوء الأعراض، ودخلت في حلقة مفرغة من القولون العصبي والتوتر النفسي.
رحلة البحث عن الأسباب والعلاج
بعد أن أثرت هذه الأعراض على حياتي المهنية والاجتماعية، قررت زيارة الطبيب. بعد أن شرحت له كل ما أعاني منه، طرح عليّ بعض الأسئلة حول نمط حياتي، وأهمها:
- النظام الغذائي: هل تتناول الكثير من الأطعمة المسببة للغازات مثل البقوليات والقرنبيط؟ هل تكثر من الأطعمة الحارة أو الدهنية؟
- الضغط النفسي: هل تتعرض لضغوطات في العمل أو الحياة بشكل عام؟
أوضح لي الطبيب أن القولون العصبي ليس مرضًا عضويًا، بل هو اضطراب وظيفي في الجهاز الهضمي، وأن أسبابه الرئيسية مرتبطة بالتوتر النفسي والنظام الغذائي غير المناسب.
بدأت رحلة العلاج باتباع تعليمات الطبيب بدقة. أول وأهم خطوة كانت تغيير نظامي الغذائي. تعلمت أن أراقب الأطعمة التي تزيد من حدة الأعراض لدي، وألجأ إلى نظام غذائي غني بالألياف القابلة للذوبان (مثل الشوفان، التفاح، والموز) والابتعاد عن الأطعمة المهيجة مثل الأطعمة المقلية، البقوليات، وبعض منتجات الألبان.
بعدها، كان لا بد من الاهتمام بالجانب النفسي. تعلمت تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق لمواجهة التوتر. كما أن ممارسة الرياضة بانتظام أصبحت جزءًا من روتيني اليومي، فقد ساعدتني على تخفيف التوتر وتحسين حركة الأمعاء. أدركت أن العقل والجسد مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، وأن صحة أحدهما تؤثر على الآخر.
كما وصف لي الطبيب بعض الأدوية التي تساعد في تخفيف الأعراض مثل مضادات التقلصات وبعض المكملات الغذائية لدعم صحة الجهاز الهضمي، لكنه شدد على أن هذه الأدوية مجرد وسيلة مساعدة، وأن العلاج الحقيقي يكمن في تغيير نمط الحياة.
نصيحة أخيرة من تجربتي
تعلمت من هذه التجربة أن القولون العصبي ليس نهاية العالم، بل هو دعوة لتغيير نمط الحياة إلى الأفضل. اليوم، أعيش حياة شبه طبيعية، وما زلت أتعلم كيف أتحكم في الأعراض. القولون العصبي ليس مرضًا خطيرًا، ولكنه يتطلب منك أن تكون صديقًا لجسمك، وأن تستمع لإشاراته. إذا كنت تعاني من أعراض مشابهة، فلا تتردد في استشارة الطبيب.