مشاركتي في الماراثون لأول مرة

 

لم أكن أتخيل يومًا أنني سأشارك في ماراثون. لطالما كنت أرى عدّائي المسافات الطويلة على شاشات التلفاز وأقول في نفسي: “كيف يستطيعون الركض كل هذه المسافات دون أن يستسلموا؟” لكن في أحد الأيام، جاءتني رسالة على هاتفي من صديق قريب يدعوني للمشاركة معه في ماراثون خيري، وكان السبب في إقناعي أن العائدات ستذهب لدعم الأطفال المرضى. عندها شعرت أن الفكرة تستحق التجربة، حتى لو كنت غير جاهز تمامًا.

 

البداية والتدريب

في البداية، كان التدريب أكبر تحدٍّ. لم أكن معتادًا على الركض سوى لمسافات قصيرة، وكان جسدي ينهك سريعًا. في أول يوم تدريب ركضت فقط كيلومترين وشعرت أن أنفاسي ستنقطع! لكن صديقي شجعني قائلًا: “كل عدّاء عظيم بدأ من هذه النقطة، المهم ألا تستسلم.” بدأت أركض يوميًا، أزيد المسافة تدريجيًا، وأتعلم كيف أتحكم في تنفسي وأحافظ على طاقتي.

كنت أستيقظ مع شروق الشمس، والهدوء من حولي يعطيني طاقة غريبة، كأنني أبدأ يومي بخطوة نحو هدف أكبر من مجرد الجري.

 

يوم الماراثون

حين جاء يوم الماراثون، كان التوتر يسيطر عليّ. آلاف العدّائين من كل الأعمار ينتظرون صافرة البداية، بعضهم محترفون وبعضهم مبتسمين وكأنهم خرجوا فقط للاستمتاع. شعرت أنني في عالم آخر.

انطلقت الصافرة، ومعها انطلقت قلوبنا جميعًا. في البداية كان الركض سهلًا، الهواء كان باردًا ومنعشًا، لكن بعد الكيلومترات الأولى، بدأت التحديات الحقيقية. شعرت بأن ساقيّ تثقلان مع كل خطوة، وكنت أسمع أنفاسي المتلاحقة وكأنها تصرخ في أذني.

لكن أكثر لحظة مؤثرة كانت عندما رأيت الأطفال على جانبي الطريق يصفقون ويهتفون لتشجيعنا. هذا المنظر وحده جعلني أواصل الركض رغم التعب.

 

لحظة الفوز على نفسي

في الكيلومترات الأخيرة، كان كل شيء في جسدي يطلب مني التوقف، لكن عقلي كان يصرخ: “أنت لم تصل هنا لتستسلم!” تذكرت كل لحظات التدريب، كل صباح ركضت فيه رغم الكسل، وكل مرة تحديت نفسي.

وحين رأيت خط النهاية من بعيد، شعرت بدموعي تنهمر. لم أكن أركض بسرعة، لكنني كنت أركض بكل قوتي، وكأنني أركض نحو حلم طالما تمنيته. عبوري لخط النهاية كان لحظة شعرت فيها أنني لم أفز على الطريق فحسب، بل فزت على نفسي، على خوفي وضعفي.

في تلك اللحظة فهمت أن الماراثون ليس سباقًا ضد الآخرين، بل سباق ضد نفسك، ضد أفكارك التي تقول “لا أستطيع”. كان شعور الإنجاز أكبر من أي شيء توقعت أن أشعر به، وجعلني أعيد التفكير في الكثير من أمور حياتي.