لم أكن أتوقع يومًا أن أسمع من الطبيب تلك الجملة الثقيلة: “نتيجة التحاليل تؤكد إصابتك بفيروس سي.” كنت في الخامسة والثلاثين من عمري، أعيش حياة عادية، أعمل وأهتم بأسرتي، ولم يخطر ببالي أنّ هذا الفيروس قد يتسلل إلى جسدي.
عندما بدأت أفكر في الأمر، أدركت أنّ السبب ربما كان أحد الإجراءات الطبية القديمة التي خضعت لها قبل سنوات، حيث كانت بعض الأدوات غير معقمة بشكل كامل. ففيروس سي ينتقل غالبًا عن طريق الدم الملوث، سواء من خلال الحقن، أو نقل الدم في الماضي قبل توفر الفحوصات الدقيقة، أو حتى من بعض الإجراءات التجميلية التي تُجرى من دون تعقيم كافٍ.
الأعراض الأولى
في البداية لم أشعر بأعراض واضحة، لكن مع مرور الوقت ظهرت علامات خفية: شعور دائم بالإرهاق، فقدان للشهية، اصفرار خفيف في العينين، وألم متقطع في الجزء العلوي من البطن. كنت أظنها أعراض إجهاد العمل، لكن حين ازدادت حدة التعب، قررت زيارة الطبيب.
الأضرار التي واجهتها
بعد الفحوصات، اكتشفت أنّ الفيروس قد بدأ يؤثر في كبدي. أخبرني الطبيب أنّ فيروس سي، إن لم يُعالج، يمكن أن يؤدي إلى تليف الكبد، وفشله الوظيفي، وفي بعض الحالات إلى سرطان الكبد. هذا الخبر كان صادمًا بالنسبة لي ولأسرتي، وبدأت مرحلة من القلق والخوف.
رحلة العلاج
بدأت رحلتي مع العلاج الحديث، حيث وصف لي الطبيب أدوية مضادة للفيروسات تعرف بالعلاجات المباشرة المضادة للفيروس (DAAs). هذه الأدوية كانت تؤخذ على شكل أقراص يومية لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا، وهي تعمل على القضاء على الفيروس من الدم نهائيًا.
خلال فترة العلاج، التزمت بتعليمات الطبيب بدقة: نظام غذائي صحي، الامتناع عن أي مشروبات كحولية، ممارسة الرياضة الخفيفة، والابتعاد عن كل ما قد يرهق الكبد.
التحسن والشفاء
بعد مرور ثلاثة أشهر، أجريت التحاليل مجددًا، وكانت النتيجة: “الفيروس غير موجود في الدم.” شعرت بارتياح عميق، وكأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن كاهلي. طاقتي عادت، شهيتي تحسنت، وعادت الحياة إلى طبيعتها تدريجيًا.
تعلمت أنّ الوقاية هي الأساس: تجنب الأدوات الملوثة، التأكد من سلامة الإجراءات الطبية، وعدم مشاركة أدوات شخصية مثل أمواس الحلاقة أو فرشاة الأسنان. كما أدركت أهمية الكشف المبكر، لأن فيروس سي أحيانًا لا يظهر بأعراض واضحة في بدايته.