تتغير حياة الإنسان في لحظة، وقد لا تكون هذه اللحظة حادثًا كبيرًا أو حدثًا دراميًا، بل قد تكون لحظة تتسلل فيها الأعراض الأولى لمرض ما. هذا ما حدث لأحمد، الذي كانت حياته في الثلاثينيات من عمره تتميز بالنشاط والطموح. كان يعمل مهندسًا معماريًا، ويقضي ساعات طويلة في المكاتب والمواقع، لكنه لم يكن يهتم كثيرًا بصحته. كان يأكل وجبات سريعة، ويشرب المشروبات الغازية، ولم يكن يشرب الماء بالقدر الكافي. كانت حياته مليئة بالضغط والإجهاد، لكنه كان يعتقد أنه يستطيع تحمل كل شيء.
بداية الأعراض
بدأت القصة بأعراض خفيفة. في البداية، شعر أحمد ببعض التعب والإرهاق بعد يوم عمل طويل، لكنه كان يعتقد أن هذا طبيعي بسبب ضغط العمل. ثم لاحظ أن قدميه بدأتا تنتفخان بشكل طفيف، وخاصة في نهاية اليوم. كانت هذه علامة مبكرة على وجود مشكلة ما، لكنه تجاهلها. بعد فترة، أصبح التورم أكثر وضوحًا، وبدأ يمتد إلى وجهه ويديه. كان يشعر بضيق في التنفس أحيانًا، خاصة عند صعود الدرج، وكان يتردد على الحمام بشكل متكرر، لكن كمية البول كانت قليلة.
تجاهل أحمد كل هذه الأعراض، إلى أن بدأ يشعر بالغثيان وفقدان الشهية. بدأ وزنه يتراجع، وأصبح يشعر بالضعف الشديد. في إحدى الليالي، استيقظ وهو يشعر بآلام حادة في ظهره، وتحديدًا في منطقة الكلى. لم يستطع تحمل الألم، فقرر الذهاب إلى المستشفى.
التشخيص
في المستشفى، قام الأطباء بإجراء الفحوصات اللازمة، بما في ذلك فحص البول والدم. كانت نتائج الفحوصات صادمة. أظهرت النتائج ارتفاعًا كبيرًا في مستوى الكرياتينين واليوريا في الدم، وهما من النفايات التي يجب على الكلى إزالتها من الجسم. كان هذا دليلًا واضحًا على أن الكلى لا تعمل بشكل صحيح. شخص الأطباء حالة أحمد على أنها فشل كلوي حاد.
شرح له الطبيب أن الفشل الكلوي هو حالة تتوقف فيها الكلى عن أداء وظائفها بشكل كامل أو جزئي. الكلى هي أعضاء حيوية تقوم بتصفية الدم من السموم والنفايات، والحفاظ على توازن السوائل في الجسم، وتنظيم ضغط الدم. عندما تفشل الكلى، تتراكم هذه النفايات في الجسم، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض التي عانى منها أحمد.
الأسباب والعلاج
سأل أحمد الطبيب عن أسباب مرضه، فأوضح له الطبيب أن هناك العديد من الأسباب المحتملة. قد يكون الفشل الكلوي ناتجًا عن أمراض مزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، أو قد يكون بسبب أمراض مناعية أو التهابات في الكلى. في حالة أحمد، كانت الأسباب مرتبطة بنمط حياته غير الصحي، بالإضافة إلى وجود تاريخ عائلي لمرض الكلى لم يكن يعرف عنه شيئًا.
بعد التشخيص، بدأت رحلة العلاج. كان العلاج الأول الذي تم إخضاعه له هو غسيل الكلى (الديال الدموي). كان يذهب إلى المستشفى ثلاث مرات في الأسبوع، ويجلس لساعات طويلة بينما يقوم جهاز غسيل الكلى بتصفية دمه من السموم والنفايات. في البداية، كان غسيل الكلى عملية مرهقة ومؤلمة بالنسبة له، لكنه سرعان ما بدأ يشعر بالتحسن. بدأ التورم يقل، وعاد إليه بعض من نشاطه وحيويته.
كان غسيل الكلى حلًا مؤقتًا، ولكن الأطباء شرحوا له أن الحل الدائم هو زراعة الكلى. هذه عملية جراحية يتم فيها زرع كلية سليمة من متبرع حي أو متوفى. بدأت رحلة البحث عن متبرع مناسب. كان الأمر صعبًا، لكن لحسن الحظ، تطوعت شقيقته الصغرى للتبرع بكليتها. بعد إجراء الفحوصات اللازمة، تبين أنها متطابقة تمامًا.
تمت عملية زراعة الكلى بنجاح. بعد أسابيع قليلة من التعافي، استعاد أحمد صحته بالكامل. عاد إلى حياته الطبيعية، لكن هذه المرة بوعي أكبر بأهمية صحته. غير نمط حياته بشكل جذري، وأصبح يتبع نظامًا غذائيًا صحيًا، ويمارس الرياضة بانتظام، ويشرب كميات كبيرة من الماء. كانت تجربة الفشل الكلوي قاسية، لكنها كانت أيضًا درسًا لا ينسى. أدرك أحمد أن الصحة هي أغلى ما يملك الإنسان، وأن الوقاية خير من العلاج.