أتذكر جيدًا تلك الأيام التي كنتُ أحلم فيها بالاستغناء عن نظارتي الطبية. كانت النظارة بالنسبة لي قيدًا يمنعني من إظهار جمال عينيّ، وكنتُ أراقب صديقاتي وهن يضعن العدسات اللاصقة الملونة بثقة. شعرتُ حينها أن العدسات هي الحل السحري الذي سيحررني من النظارة ويمنحني مظهرًا أكثر جاذبية.
لم أتردد كثيرًا، ذهبتُ إلى محل البصريات واشتريتُ أول زوج من العدسات اللاصقة. في البداية، كانت تجربتي رائعة. لقد شعرتُ بحرية لم أعرفها من قبل، وأصبحتُ أرى العالم بوضوح تام دون أي إطارات تزعجني. كنتُ أرتديها لساعات طويلة، في العمل، وفي المناسبات، وحتى خلال الخروج مع أصدقائي. كانت العدسات اللاصقة جزءًا لا يتجزأ من حياتي اليومية.
لكن بمرور الوقت، بدأتُ أرتكب أخطاءً بسيطة، ظننتُ أنها لن تؤثر. أحيانًا، كنتُ أنسى إزالتها قبل النوم، وكنتُ أستخدم نفس محلول التنظيف لأكثر من مرة لتوفير المال. في بعض الأحيان، كنتُ أغسلها بماء الصنبور عندما كنتُ في عجلة من أمري. لم أكن أدرك حينها أن هذه الأخطاء البسيطة كانت تضع عينيّ في خطر كبير.
بدأتُ أشعر بحكة خفيفة واحمرار في عيني. كنتُ أظن أن السبب هو الإرهاق. لكن الأمور تفاقمت، وأصبحتُ أشعر بألم شديد، وكأن هناك جسمًا غريبًا في عيني. لم أعد أحتمل الضوء، وأصبحتُ أجلس في غرفتي المظلمة معظم الوقت. كانت عيناي تدمعان باستمرار، ورؤيتي أصبحت ضبابية.
عندما ذهبتُ إلى طبيب العيون، أخبرني أنني أعاني من التهاب شديد في القرنية بسبب الإهمال في استخدام العدسات اللاصقة. شرح لي أن العدسات، رغم جمالها، تحمل معها الكثير من المخاطر إذا لم يتم التعامل معها بحذر شديد.
أسباب الخطر التي لم أكن أعرفها
أوضح لي الطبيب أن الخطورة الرئيسية تكمن في أن العدسات قد تحمل البكتيريا والفطريات، خاصة إذا لم يتم تنظيفها وتخزينها بشكل صحيح. استخدام ماء الصنبور لتنظيف العدسات كان خطأً فادحًا، لأن الماء قد يحتوي على كائنات دقيقة تسبب التهابات خطيرة. كما أن النوم بالعدسات يقلل من وصول الأكسجين إلى القرنية، مما يجعلها بيئة مثالية لنمو البكتيريا.
أخبرني أن هذه الالتهابات يمكن أن تؤدي إلى قرحة في القرنية، والتي قد تسبب تلفًا دائمًا في البصر، وفي بعض الحالات النادرة، قد تؤدي إلى العمى. شعرتُ بالرعب من هذه المعلومات، وتمنيتُ لو أنني لم أضع هذه العدسات مطلقًا.
بعد شهر من العلاج المكثف بالمضادات الحيوية والقطرات، بدأت عيني تتعافى ببطء. كان العلاج مؤلمًا ومزعجًا، لكنه كان ضروريًا. تعلمتُ من هذه التجربة أن الصحة هي أغلى ما نملك، وأن الجمال لا يستحق أن نخاطر من أجله.
اليوم، عدتُ إلى استخدام نظارتي الطبية، وأنا فخورة بها. لا أشعر بالحرج منها بعد الآن، بل أعتبرها رمزًا لقوتي ودرسًا تعلمته. لقد تعلمتُ أن العدسات اللاصقة قد تكون أداة رائعة، لكنها تتطلب التزامًا شديدًا بالنظافة والعناية. وقررتُ أنني لن أعود لاستخدامها إلا عند الضرورة القصوى، وبعد استشارة طبيب العيون، وأنني لن أتنازل أبدًا عن قواعد العناية الصارمة، لأن بصري أهم بكثير من أي مظهر خارجي.