تجربتي مع أول مره إنترڤيو

لم أكن أتخيل أن خطواتي الأولى في طريق العمل ستبدأ بهذا الكمّ من التوتر والمشاعر المختلطة. كانت تلك المرة الأولى التي أستعد فيها لمقابلة عمل، وقلبي ينبض بسرعة تفوق سرعة تفكيري.

 

قبل الموعد بيومين، تسلّمت رسالة بريد إلكتروني من شركة كنت قد تقدمت إليها منذ أكثر من شهر. كنت قد نسيت أمرها تمامًا، ولكن فجأة وجدت نفسي أمام جملة: “نود دعوتك لإجراء مقابلة عمل في مكتبنا يوم الأربعاء الساعة 10 صباحًا.”

 

شعرت بالحماس والخوف في آنٍ واحد. هل أنا مستعدة؟ هل سأعرف كيف أجيب؟ هل سأبدو واثقة؟

قضيت الليلة كلها أبحث على الإنترنت: “أسئلة شائعة في الإنترفيو”، “كيف تجيب بثقة؟”، “ما الذي يجب أن ترتديه لمقابلة عمل؟”.

اخترت بعناية ملابسي، رتبت أفكاري، ووقفت أمام المرآة لأتدرّب على ابتسامة محترفة وإجابات محتملة. وكنت أكرر بداخلي: “أنتِ قادرة، فقط كوني طبيعية وواثقة.”

في صباح يوم المقابلة، خرجت من المنزل قبل الموعد بساعة كاملة، رغم أن الطريق لا يستغرق أكثر من 20 دقيقة. كنت أفضّل أن أكون مبكرة على أن أصل متأخرة وأبدأ المقابلة بموقف محرج.

 

جلست في صالة الانتظار بالشركة، يداي تتعرّقان رغم برودة الجو. كنت أراقب الموظفين يمرّون بابتسامات هادئة وكأنهم اعتادوا هذا المكان، بينما أنا أحاول تهدئة قلبي.

 

نادتني موظفة الاستقبال بلطف وقالت: “تفضلي، المسؤول في انتظارك.”

دخلت الغرفة بخطوات مترددة، كان يجلس هناك رجل يبدو في أواخر الأربعين، نظر إليّ وابتسم قائلًا: “أهلاً بكِ، يسعدنا أنكِ قدمتِ اليوم.”

 

بدأت المقابلة بسؤال بسيط: “حدثينا عن نفسك.”

وهنا تلعثمت قليلًا، لكنني جمعت شجاعتي وبدأت أتحدث. كانت الكلمات تخرج مرتبكة في البداية، ثم بدأت أستعيد السيطرة على حديثي. تحدثنا عن دراستي، مشاريعي الجامعية، الدورات التي حصلت عليها، وحتى عن أسباب اهتمامي بهذه الوظيفة بالذات.

 

ثم بدأ يطرح عليّ أسئلة تقنية، لم أعرف إجابة بعضها بدقة، فقلت بصدق: “لا أعلم الإجابة الآن، لكنني مستعدة لتعلمها سريعًا.” لم يكن ردي مثاليًا، ولكنني شعرت أن الصدق أفضل من التظاهر.

 

بعد نصف ساعة من الحديث، قال لي بابتسامة: “أعجبتني صراحتك وطريقة تفكيرك. سنراجع نتائج المقابلات ونخبركِ قريبًا.”

خرجت من الغرفة وأنا لا أعلم هل كنت ممتازة أم سيئة، ولكن كنت فخورة بنفسي لأنني خضت التجربة رغم خوفي.

 

بعد يومين، تلقيت مكالمة منهم: “يسرّنا أن نبلغكِ بأنكِ قد اجتزتِ المقابلة بنجاح ونود الترحيب بكِ ضمن فريق العمل.”

قفزت من الفرح! لم تكن مجرد وظيفة، بل كانت أول انتصار حقيقي لي على الخوف والتردد.